قصص-المرضى

قصة حسن

أنا نجاح علي، سورية الجنسية وأم الطفل حسن البالغ من العمر 13 عامًا.

تم تشخيص حسن بداء كرون منذ عامين، عندما كان في الثانية عشر من عمره.

قبل التشخيص

يمكنني أن أصف حياة حسن، بل وحياة الأسرة بأكملها، قبل تشخيص حسن بداء كرون بأنها مرهقة للغاية. بدأت معاناة حسن مع المرض عندما بلغ 11 عامًا وبتت أقضي كل وقتي في التنقل من مستشفى إلى آخر في محاولة يائسة للعثور على طبيب يشخص حالته.

انخفضت مستويات طاقة حسن للغاية مقارنة بالصبية الآخرين من عمره فقد بدأ يفقد وزنه جراء معاناته من الإسهال وآلام البطن المستمرة، كما لاحظت معاناته من التقرحات حول فمه أيضًا. مع ازدياد عدد زياراته إلى دورة المياه، وصل حسن لمرحلة أن يتوقف عن تناول الطعام فجأة ليسارع إلى دورة المياه. لقد تتبعته ذات يوم، وذلك عندما لاحظت وجود آثار دم في برازه.

التشخيص

لم يكن الحصول على التشخيص سهلاً على الإطلاق. على الرغم من زياراتنا المستمرة للمستشفيات وأقسام الطوارئ، إلا أننا لم نحصل على أية إجابات على تساؤلاتنا حول حالة حسن. لم تتعدى معرفتنا كوننا على علم بأن عدد خلايا الدم البيضاء مرتفع جداً لدى حسن حتى قمنا بإجراء صورة بالأشعة السينية في إحدى الأيام لنكتشف أن هناك مشكلة في أمعائه.

نصحنا الطبيب باستشارة أخصائي أمراض الجهاز الهضمي الذي تمكن أخيرًا، بعد زيارته يومياً لمدة أسبوع كامل، من تشخيص إصابة حسن بداء كرون وأوصانا باستشارة طبيب أطفال لتأكيد التشخيص. لم نجر أي خزعة لتأكيد تشخيص حسن حتى قابلنا الدكتورة مريم بعد وصف بعض الأدوية الأولية لحسن، فكانت هي أول من ساعده حقًا ووقف إلى جانبنا.

لحظة من اللحظات المغيِّرة للحياة

عندما قابلت الدكتورة مريم مع ابني حسن، تعاطفت حقًا مع المعاناة التي مررنا بها وتعهدت بالمساعدة في حالة حسن بل وجعلت صحته على رأس أولوياتها.

بمجرد معرفتنا بأن حسن مصاب بداء كرون، شعرت بالراحة صدقاً لمعرفتي بمسبب الآلام التي عانى منها في الفترة الماضية  ، مما مكنني من المضي قدمًا. يرجع الفضل للدكتورة مريم في التحسن الذي يحرزه ابني الآن. لا تزال رحلة حسن منذ التشخيص حافلة بالتحديات والمصاعب، وذلك على الصعيد الشخصي والعائلي على حد سواء.

على الرغم من أنني أعمل في مهنة التمريض منذ مدة طويلة، إلا أنه لم يكن لدي أي فكرة عن هذا المرض. كان تشخيص ابني هو المرة الأولى التي أسمع فيها بداء كرون.

الإحساس الفوري

استغرق مني تقبل تشخيص حسن بداء كرون شهوراً طويلة، فقد كنت أبكي وأتوتر في كل زيارة له عند الطبيب ولم أتمكن من السيطرة على هذه المشاعر حتى فترة قريبة. الجانب الأكثر إثارة للقلق في تشخيص حسن بالنسبة لي كان تكلفة علاجه، كان رد فعل زوجي سيئًا أيضًا حيث كان يعاني من نوبة قلبية بسبب الإجهاد ويعيش الآن مع قسطرة القلب.

في المنزل، كانت شؤوننا العائلية مقلوبة رأسًا على عقب، خاصةً عندما كانت حالة حسن تضطره للبقاء في المستشفى طوال الليل وهو عاجز عن تقبل تشخيصه. كان من الصعب للغاية على مثل هذا الطفل الصغير أن يفهم الأمر الذي يمر فيه حيث أنه كان يرى أن جميع المرضى الآخرين في المستشفى كانوا من البالغين أو كبار السن، وكان هو الطفل الوحيد هناك فيسأل نفسه: “لماذا أنا؟”.

حاولت جاهدة الاعتناء بطفلي الآخرين اللذان عانا دراسياً في الوقت ذاته حيث وجدت نفسي أركز على حسن ولكني أتجاهل دراسته لأنه توجب علي التركيز على ضمان تحسن وضعه الصحي على حساب كل شيء آخر. تغلب التفكير على ساعات وأيام طوال من وقتي مما أدخلني في حالة من الحزن الشديد.

الأمر الوحيد الذي جعلني أشعر بالتحسن حقًا هو معرفة مدى حب حسن لطبيبته وثقته بها. كان حسن يقرأ كافة مقالاتها الإخبارية ويحترمها حقًا مما ساعدنا في تخطي الصعوبات التي واجهتنا.

الندبة: أثر الداء

تأثرت قدرة حسن على اللعب وممارسة التمارين مع بقية الأطفال مع تشخيصه بداء كرون، لكن لحسن حظ حسن أن أصدقاؤه المقربون تعاطفوا معه للغاية فقد كانوا يزوره في المنزل كلما عاد من المستشفى ويظهروا خوفهم الدائم عليه بالسؤال والاطمئنان عن حاله عندما يتغيب عن المدرسة.

لا نشعر بالخزي أو الخجل من المرض، فإن هذا هو اختبار من الله ولا اعتراض على قضاء الله وقدره.

تحسين حياة الآخرين المصابين بأمراض التهاب الأمعاء

كانت الحياة قبل تشخيص حسن صعبة لأننا ببساطة لم نكن نعرف ما خطبه، ولكن  بمجرد أن فهمنا حالته وقبلناها، أصبحت الحياة أسهل. الجدير بالذكر هو أن تجنب الإفراط في التفكير قد يكون مفيدًا جدًا أيضًا يلعب الطبيب دورًا مهمًا جدًا في حياتنا. في حالة حسن، جعلته الدكتورة مريم يشعر بأن كل شيء على ما يرام وتحدثت معه كصديقة له.

العلاج

بدأ علاج حسن بالكورتيزون، لكنه يتلقى حاليًا العلاج البيولوجي أربع مرات في الشهر. بالإضافة إلى ذلك، يتناول حسن مكملات غذائية لتعزيز مناعته ويلتزم بنظام غذائي صحي. استغرق الأمر بعض الوقت حتى بدأ العلاج بالسيطرة على أعراض المرض، فلم يشعره العلاج بتحسن كبير في البداية، الأمر الذي جعله من الصعب علينا التعامل معه.

يعيش حسن الآن حياة سهلة وخالية من القيود. لقد كان ينسى أحيانًا تناول حبوب الدواء الخاصة به، لكنه يذكرني الآن في كل يوم سبت بموعد أدويته لأنه وعد طبيبته بالاعتناء بنفسه ويريد حقًا أن يتحسن.

شبكة الدعم الخاصة بي

طوال هذه الرحلة، كانت والدتي وصديقتي المقرّبة هما مصدر الدعم الأكبر بالنسبة لي ولعائلتي. يعاني أحد أصدقاء حسن من مرض خطير للغاية، وبطبيعة الحال، يقارن ابني حالته بحالة صديقه، مما ساعده على أن يدرك كونه محاط بالنعم الكثيرة التي تستحق شعوره بالامتنان والشكر عليها.

أعتقد أن المورد الأكثر فائدة لأي شخص تم تشخيصه حديثًا أو يعيش مع شخص مصاب بمرض التهاب الأمعاء هو أن يكون لديك أشخاص داعمون من حولك. يلعب الأب والأم والأشقاء والأصدقاء دورًا مهمًا في حياة المريض. على الرغم من أن الأمر قد يكون صعبًا، إلا أنه يجب على الآباء محاولة عدم تمييز الطفل المريض عن أشقائه وأقرانه، ومعاملة جميع الأطفال على قدم المساواة حتى لا يشعر أحد “بالاختلاف”.

ومع ذلك، كان أهم دعم لعائلتنا هو وجود طبيب تعهد بالوقوف إلى جانبنا.

كما وجدنا الدعم والموارد من خلال الجمعيات الخيرية وبرامج الدعم. هناك مبادرة من مستشفى صقر بعنوان “حقق حلمك”. اتصلوا بابني وسألوه ما هي رغبته ، فأجاب: “هاتف وسماعات جديدة” فحققوا أمنيته وأشعروه بالسعادة الغامرة. أعتقد أن مثل هذه البرامج تدعم حقًا المرضى الأصغر سنًا عاطفياً وتساعد في تقليل الضغط النفسي عليهم.

المستقبل

يجب أن تستمر الحياة… مع هذا المرض أو بدونه.